على
العهد نسير...
في مستهل
الكتاب نقرأ عن سياق تنظيم المؤتمر العلمي وإصدار الكتاب الأكاديمي في كلمة خطها أ.د.
عبد الجليل بن محمد الأزدي رئيس المؤتمر التكريمي وأ.د.يوسف الإدريسي المدير
السابق للمختبر الذي تولى تسييره وإداراته من عام 2017 إلى صيف 2021، مما جاء
فيها: « (...) منذ زمن برج بابل، وصولا إلى أزمنة صعود البنيوية وانتصارها الظافر،
ظلت العلاقة بين اللسانيات والترجمة طبيعية، أي ضرورية، لكنها اتشحت دوما بوشاح
إشكالي. ويبدو اليوم أن العلاقة هذه ما تزال سؤالا إبستمولوجيا ذا اهمية علمية من
الدرجة الأولى، وهو سؤال يتطلب المزيد من التمحيص والنقاش مهما كانت طبيعة التصور
الذي يشكل منطلقا، ومهما كانت طبيعة النتائج التي تلوح من هذا المنطلق أفقا؛ وسواء
وقع تصور السؤال في إطار تجاور حقليـن معرفييـن يدعم أحدهما الآخر ويقدم له علبة
أدوات العمل؛ أم تم تصوره كما لو أن هذين الحقلين المعرفيين يقودان إلى بعضهما
بالتبادل، فالبحث في هذا الموضوع وإفراد كتاب خاص به يكتسي قيمة كبيرة بل وضرورية
أكثر من أي وقت مضى في ظلال التطورات المتلاحقة للبحث العلمي ضمن هذا المضمار بفعل
الآثار الحاسمة للمعلوميات والتقانيات الحاسوبية في استثمار الظاهرات اللغوية
واللسانية واستقصائها. وضمن الآفاق العلمية المبتغاة من هذا الكتاب، تستعلن جملة
أسئلة جوهرية لا مندوحة عنها وغير نهائية، أبرزها: ما التحديدات الخاصة بحقلي
الترجمة واللسانيات؟ ما صلات القرابة أو علاقات التداخل بين خطابات اللسانيات وعلم
الترجمة؟ وما خصوصيات الخطابات حول اللسانيات وبصدد الترجمة كذلك؟ ما طبيعة
الممارسة اللغوية في فعل الترجمة؟ وهل بإمكان التنظير اللساني دمج تأويل الظاهرات
اللغوية؟ ما ممكنات اللسانيات المجهزة بترسانة التقانيات في المساهمة ضمن مدار
البحث الترجمـي بمستوييه النظري والعملي؟ ما طبيعة التمفصلات بين ممارسة الترجمة
والتنظيـر العلمي للفعل الترجمي؟
تتشافع مع الغايات العلمية لهذا الكتاب مرامي
إنسانية متجذرة بقوة ورسوخ في ثقافة الاعتراف؛ إذ يرمي إلى تكريم الزميل الأستاذ
مصطفى غلفان الذي بصم البحث اللساني بالمغرب والوطن العربي قاطبة خلال النصف
الثاني من القرن العشرين. وكان من الأوائل الذين وَطَّنوا الدرس اللساني الحديث
بالجامعة المغربية من خلال دراسات وبحوث تتمفصل على ثلاث موضوعات كبرى: اللسانيات
الصوسيرية وما خرج من معطفها مُعمَّدا تحت ألوية اللسانيات البنيوية؛ اللسانيات
التوليدية وما قامت عليه من أسس نظرية ومنهجية وأجهزة مفاهيمية؛ حفريات في نشأة
اللسانيات العربية الحديثة وتكونها والأسئلة المنهجية التي رافقتها في تطورها
الشامل وعِثارِها الأكيد... »
واليوم
إذ نزف للمشاركين في المؤتمر ولعموم الباحثين والمهتمين خبر صدور كتاب المؤتمر
الدولي التكريمي للأستاذ الدكتور مصطفى غلفان، نعلن -بغير قليل من السعادة والشرف-
أنه يأتي ليُتِمَّ أمرا كان مفعولا ... ولو كره الكارهون ... مستكملا بذلك مسارا
أردناه مذ تأسيس مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف لائقا بقيمة تضحيات رجال صدقوا
ما عاهدوا العلم وطلابهم عليه وما بدلوا تبديلا... وهو مسار بدأناه بإصدار كتاب:
العودة الى سوسير الذي تضمن أشغال المؤتمر الدولي التكريمي الذي نظمه المختبر
تكريما للأستاذ الدكتور محمد البكري بعنوان: دي سوسير بعد مائة عام على الغياب،
وكتاب النبع والشجرة المهدى إلى الدكتور محمد البكري من تأليف أ.د. عبد الجليل
الأزدي، وأ.د.مولاي يوسف الإدريسي، وكتاب: المعرفة والسلطة الدولة والثقافة
والديمقراطية من تأليف الأستاذ: د.عبد الجليل بن محمد الأزدي، ومن إصدار المختبر،
هذا فضلا عن منارات القاضي عياض التي ضمت المحاضرات الأولى للرعيل المؤسس للدرس
الجامعي في اللغة والأدب بجامعة القاضي عياض.
وسيرا
على النهج المعلن في حفل التأسيس وانطلاقته الأولى برحاب كلية الآداب بمراكش مع
بزوغ ربيع 2017، يعلن مختبر تحليل الخطاب وأنساق المعارف، استمراره الراسخ
والتزامه الأكيد بمواصلة توثيق وتسجيل أيامه الثقافية ومحطاته العلمية والأكاديمية
التي سطرها بمداد من الفخر والاعتزاز، وذلك بإصدار أشغال المؤتمرات التي أشرف على
تنظيمها اعترافا بالفضل لذويه... وتثمينا واحتفاء بجليل علمهم ... وجميل تضحياتهم
في زمن جامعي فريد ... واستثنائي...
وبهذه
المناسبة السعيدة نزجل الشكر كل الشكر للكرام المكرمين الذين أفاضوا علينا -بسمتهم
الأخلاقي الرفيع وبسابغ علمهم الجليل- عنايتهم الجليلة، فوافقوا على تنظيم مؤتمرات
احتفائية بهم وبجهودهم العلمية الجليلة... كما نشكر كل الأفاضل من الأساتذة
الباحثين والمفكرين الألمعيين الذين شاركونا ببحوثهم القيمة والدقيقة في إنجاح تلك
المؤتمرات... والشكر كل الشكر للكريم وابنه النبيل الأستاذ بلال عبيدات والدكتور
أحمد عبيدات على جميل ثقتهم ... وكريم احتضانهم للمشروع العلمي والأكاديمي لمختبر
تحليل الخطاب وأنساق المعارف، ودعمهم الجميل لنتاجاته وتفضلهم بنشرها في مؤسستهم
العتيدة والرائدة عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع – إربد – الأردن...
مراكش –
فاتح أبريل 2025
عن المختبر